حقوق الإنسان في المواثيق الدولية

الكاتب : محمد عبدالكريم الحسون

المقدمة

الحمدالله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد..

تعتبر حقوق الإنسان حقوق طبيعية وغريزية تولد مع ولادة الإنسان فقد كرستها واعترفت بها كل الأديان السماوية والدول والمنظمات… في العصر الحديث ، فهي تمس بصيفه مباشرة جوهر الإنسان في كرامته .

والحديث عن حقوق الإنسان حديث قديم متجدد، فهي موجودة مع وجود الإنسان في حد ذاته وباقية على وجه الأرض، وهي نابعة من ضرورة الإحترام المتبادل بين الإنسان وأخيه الإنسان، وكان الإسلام سبَّاقاً في تثبيت الحقوق الأساسية للإنسان باعتباره كائن كرمه الله بالعقل واصطفاه على سائر خلقه، وجعله سيداً في الأرض وأمده بالوحي السماوي والرعاية الإلهية والشرع القويم وأرسل له الأنبياء والرسل وأنزل عليه الكتب ليسير على الهدى السديد والصراط المستقيم، وشرَّع له الأحكام لبيان الحقوق والواجب.

تعريف حقوق الإنسان :

ليس هناك اتفاق على مصطلح واحد لحقوق الإنسان، بل هناك مصطلحات عدة تستخدم للدلالة عليها ، منها: حقوق الإنسان”،  “الحقوق الإنسانية”، “حقوق الشخصية الإنسانية” ، ولكن أكثر المصطلحات شيوعاً منذ القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا، هو مصطلح “حقوق الإنسان”  .

 

عرف القانون الدولي لحقوق الإنسان بأنه :

1ـــ يتمثل في مجموعة القواعد والمبادئ المنصوص عليها في الإعلانات والمعاهدات الدولية التي تؤمن حقوق وحريات الأفراد والشعوب في مواجهة الدولة ، وهي حقوق لصيقة بالإنسان وغير قابل للتنازل عنها ، وتلتزم الدولة بحمايتها من الاعتداء أو الانتهاك .  

2ـــ مجموعة القواعد القانونية المتصفة بالعمومية والتجريد التي ارتضتها الجماعة الدولية أصدرتها في صورة معاهدات وبروتوكولات دولية ملزمة ، بقصد حماية حقوق الإنسان المحكوم بوصفه إنسانا وعضوا في المجتمع من عدوان سلطاته الحاكمة أو تقصيرها ، وتمثل الحد الأدنى من الحماية التي لا يجوز للدول الأعضاء فيها النزول عنه مطلقا أو التحلل من بعضها في غير الإستثناءات المقررة فيها. وحقوق الإنسان أخلاقية أصيلة وغير قابلة للتصرف مكفولة لجميع بني البشر بفضل إنسانيتهم وحدها، فُصِّلَتْ وصيغت هذه الحقوق فيما يعرف اليوم بحقوق الإنسان، وجرت ترجمتها بصيغة الحقوق القانونية وتأسست وفقاً لقواعد صناعة القوانين في المجتمعات الوطنية والدولية، وتعتمد هذه الحقوق على موافقة المحكومين بما يعني موافقة المستهدفين بهذه الحقوق .

 

مصادر حقوق الإنسان:

قانون حقوق الإنسان قواعده الملزمة في ثلاثة مصادر رئيسية هي: المصدر الديني والمصدر الدولي والمصدر الوطني، يضاف إلى ذلك مصدر احتياطي يتمثل في الإعلانات الدولية وأحكام المحاكم واللجان الدولية والمختصة بحقوق الانسان.

 

أولا – المصدر الدولي : وينقسم بدوره إلى مصدر عالمي ومصدر إقليمي.

1- المصدر العالمي : يشمل المواثيق الدولية العالمية المنشأ والتطبيق. وتنقسم بدورها إلى مواثيق عامة ومواثيق خاصة .

أ – المواثيق العامة : وهي تكفل كل أو معظم حقوق الانسان وتعتبر بمثابة الشرعة العامة للحقوق الإنسانية. ويدخل في هذه المواثيق: ميثاق الأمم المتحدة للعام.

ب- المواثيق الخاصة : وهي تختص بإنسان معين كالمرأة والطفل والشيخ والمعوق والمتخلف عقليا واللاجئ… إلخ، أو تختص بحق محدد مثل اتفاقات العمل ومنع الرق والسخرة والتعذيب .

المصدر الاقليمي : ويشمل مواثيق حقوق الانسان في المنظمات الدولية الاقليمية او المواثيق التي تطبق تطبيقا اقليميا مثل مواثيق حقوق الانسان لدول مجلس اوروبا  

ثانيا – المصدر الوطني: ويشمل الدساتير والتشريعات الوطنية التي تتضمن نصوصا تكفل حقوق الانسان .

ثالثا – المصدر الديني:

وهو مصدر أساسي في الدول الاسلامية التي تعتبر الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي دستوريا وتشريعيا. ثم هو مصدر احتياطي في الدول التي تلجأ إلى الشريعة الاسلامية بعد استنفاد الوسائل التشريعية.

تكامل المصادر الثلاثة: وهذه المصادر الثلاثة تكمل بعضها بعضا في اتجاه متوافق لحماية حقوق الإنسان، فالمصدر الدولي العالمي والاقليمي يضع القواعد العامة والخاصة للتعامل مع الانسان وكفالة حقوقه وحمايتها بواسطة حكومات الدول ذاتها عن طريق ارتضاها بهذه المواثيق التي توقعها وتصدقها. وعندئذ تطبقها السلطات الوطنية باعتبارها تشريعا وطنيا على قدم المساواة مع القوانين الوطنية .

كما يدعم المصدر الوطني حماية حقوق الانسان في البلاد عندما تتضمن الدساتير نصوصا تكفل هذه الحقوق وتترجمها التشريعات الوطنية الجنائية والمدنية وغيرها بنصوص واضحة صريحة لحماية حقوق الانسان. ويسهم القضاء العادل في الحماية القانونية لحقوق الانسان بالحرص على استلهام روح الدستور ومنطق الحقوق الانسانية في القوانين الوطنية والمواثيق الدولية.

ثم تأتي آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة التي تكرم الانسان وترفع قدره وتصون حقوقه لتكون أساسا دستوريا وتشريعيا أمام القاضي في الدول الاسلامية التي تعتبر الشريعة قانونها الاساسي .

 

المصادر الاحتياطية : تضاف إلى المصادر الرسمية لقانون حقوق الإنسان مصادر احتياطية تتمثل في الإعلانات الدولية التي لا تكتسب الصفة القانونية الملزمة مثل الإتفاقات والمعاهدات الدولية . وقد أصدرت الأمم المتحدة الكثير من هذه الإعلانات التي ثار خلاف على قيمتها الإلزامية ، ولكن لا ينكر أحد قيمتها المعنوية والأدبية والتوجيهية للدول والمنظمات الدولية ، كما يعتبر مصدرا احتياطيا ما يصدر من أحكام وقرارات من المحاكم الدولية لحقوق الإنسان كالمحكمة الأوروبية لحقوق الانسان في ستراسبورغ بفرنسا، أو ما يصدر عن اللجان الدولية المختصة بحماية حقوق الانسان كاللجنة المعنية بحقوق الإنسان المنبثقة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ومقرها نيويورك وجنيف، أو ما يصدر من قرارات عن هيئات الأمم المتحدة المختصة بمسائل حقوق الانسان كالجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والإجتماعي وغيرها من المنظمات المتخصصة  .

 

حقوق الإنسان وتنوعها بين الأساسية وغير الأساسية:

 1ـــ حق الحريّة والحياة حقوق غير أساسيّة :

وهي الحقوق المتبقّية المرتبطة برفاهيّة الإنسان وسعادته، أي الكماليّات، التي تُؤمّن للإنسان عيشاً أفضل بقدرٍ كافٍ من الكرامة ،  ومن الأمثلة عليها : حُريّة التعبير والرأي، وحريّة التملُّك، وحريّة إنشاء الجمعيات. أنواع حقوق الإنسان من حيث المستفيدين منها حقوق فرديّة : هي حقوقٌ يتمتع الفرد بها ضد التّدخل غير المشروع والتَّعسَ في من قبل الدولة، كما أنَّها حقوقٌ تحقُّ للفرد بذاته .

ومن الأمثلة على هذه الحقوق: حقّ الحياة وعدم التّعرض للتعذيب ، وحقّ الفكر، وحقّ التّعليم ، وحقّ العمل، وحقّ الانتماء.

2ــ حقوق جماعيّة : هي الحقوق التي يُمكن لمجموعة الأفراد الحقّ في التّصرف والعمل بها، أي أنّها لا تخصُّ فرداً بذاته. أنواع حقوق الإنسان من حيث موضوعها .

3ــ حقوق مدنيّة وسياسيّة : ومن الأمثلة على الحقوق المدنيّة حقّ الأمن والأمان، وحقّ الذّهاب والإياب، وحقّ احترام الإنسان، ويُطلق عليها حقوق الجيل الأول، وهي مُتعلّقة بحُريّات الإنسان .

4ــ أما الحقوق السياسيّة : فمن الأمثلة عليها حقّ التّحرر من العبوديّة ، وحقّ المشاركة السياسية، والتفكير، والدين، وحقّ عدم التعرُّض للتعذيب.

5ــ حقوق بيئيّة وثقافيّة وتنمويّة : ومن الأمثلة على هذه الحقوق حقُّ التفكير، والحقُّ في التنمية السياسيّة والثقافيّة والاقتصاديّة، وحقّ العيش في بيئة نظيفة وخالية من التدمير، ويُطلق عليها الجيل الثالث من الحقوق.

 

حقوق الإنسان في المواثيق الدولية بعد الإعلان العالمي:

تبنت الأمم المتحدة عدداً من الاتفاقيات والإعلانات ذات الصلة الوثيقة بالإنسان: أهمها :

1 ـ الاتفاقية الدولية لإزالة التمييز العنصري وأشكاله كافة وقد أقرتها الجمعية العامة في ديسمبر 1965 بقرارها 2106 (الدورة 21) ودخلت حيز التنفيذ وبلغ عدد الدول المنضمة إليها حتى نهاية 1993 (94) دولة.

2 ـ الإعلان الخاص بإزالة كل أشكال عدم التسامح والتمييز القائم على الدين أو المنفعة، وقد صدرت الجمعية العامة بتوافق الآراء في نوفمبر 1981.

3 ـ الاتفاقية الخاصة بإزالة كل أشكال التمييز ضد النساء، وقد أقرتها الجمعية العامة في ديسمبر 1979 ودخلت حيز النفاذ في سبتمبر 1981 وانضمت إليها دول تربو على المئة حتى نهاية 1994.

4 ـ الاتفاقية الخاصة بمكافحة التعذيب والمعاملة أو العقاب القاسي واللاإنساني أو المحّط من الكرامة وقد تبنتها الجمعية العامة بالتوافق في 10 ديسمبر 1984 ودخلت حيز النفاذ منذ 26 يوليو 1987 بين سبعين دولة ونيف .

الإتفاقية الخاصة بحقوق الطفل وقد تبنتها الجمعية العامة في 20 نوفمبر 1989 ودخلت حيز النفاذ بين مئة دولة تقريباً بدءاً من 2 سبتمبر 1990.

6 ـ الإعلان الخاص بالحق في التنمية وقد أقرته الجمعية العامة في 4 ديسمبر 1986 بقرارها رقم 128 للدورة 44.

7 ـ الاتفاقية الخاصة بالسكان الأصليين والقبليين في البلدان المستقلة. وقد أقرته الجمعية العامة لمنظمة العمل الدولية في اجتماعها السنوي عام 1989 وانضمت إليه حتى الآن بوليفيا وكولومبيا، والمكسيك والنروج .

 

الخاتمة

خلاصة موضوع بحثي فلقد توصلت الى انه تعتبر حقوقُ الإنسان حقوقاً مُتأصِّلةً في البشر جميعاً، ولو اختلف جنسهم، أو لونهم، أو لغتهم، أو دينهم، أو مكان إقامتهم، أو أصلهم العرقي أو الوطنيّ، أو أيّ أمرٍ آخر. ومن حقّ الجميع أنْ يحصلَ على حقوقه الإنسانيّة بصفته إنساناً وعلى مسافةٍ متساوية من الجميع دون أن يتم التمييز، وتُعدّ جميع هذه الحقوق وحدةً واحدة مترابطة ومتكاملة لا تتجزّأ.

 

 

المراجـع:

1ـــ الإسلام والأمن الاجتماعي- د/ محمد عمارة- 2/ 124 ، ط : دار الشروق – القاهرة ط1 /1998م.

2ـــ حقوق الإنسان فى الإسلام؛ حقوق الإنسان في التعاليم الإسلامية- د/ عبد العزيز التويجري – الرباط-  المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيكو)،1422ه

3ـــ حقوق الإنسان في التعاليم الإسلامية- عبد العزيز التويجري.

 


الإسلام والأمن الاجتماعي- د/ محمد عمارة- 2/ 124 ، ط : دار الشروق – القاهرة ط1 /1998م.

انظر : حقوق الإنسان في التعاليم الإسلامية- عبد العزيز التويجري.

انظر : حقوق الإنسان فى الإسلام؛ حقوق الإنسان في التعاليم الإسلامية- د/ عبد العزيز التويجري – الرباط-  المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيكو)،1422هـ

انظر : حقوق الإنسان فى الإسلام؛ حقوق الإنسان في التعاليم الإسلامية- د/ عبد العزيز التويجري – الرباط-  المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيكو)،1422هـ

 

اترك تعليقاً

Start typing and press Enter to search